تقرير الانتهاكات بحق المدنيين في جنوب الخرطوم

منذ 15 أبريل، تسببت الأطراف المتحاربة في خسائر في أرواح المدنيين وتدمير الممتلكات والبنية التحتية، مما أدى إلى تقييد الوصول إلى الخدمات الأساسية. يستعرض هذا التقرير الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون في منطقة جنوب الخرطوم والكلاكلة. جمعت المجموعة السودانية لحقوق الإنسان (حقوق) بالتعاون مع غرفة طوارئ الكلاكلة وجنوب الخرطوم معلومات حول الوضع الحالي في المنطقة.  وتشمل الغرفة الوحدتين الإدارتين التاليتين: 

  1. جبل أولياء و تشمل (القادسية، الدخينات، الفتيح ، ام عشر ، الشقيلاب ، الإسكان ، الأندلس ، طيبة ، العسال ، جبل أولياء ، دار السلام ، قري السلام، الخ ……)
  2. الكلاكلة و تشمل (القلعة، المنورة، ابو أدم، صنقعت ، الوحدة ، القبة شمال ، القبة جنوب ، القطعية ، ود عمارة، الخ…… )
انفجار في منطقة الأقمار الصناعية، الشقيلاب

ويقدر عدد سكان المنطقة في الوحدتين بحوالي 2.5 مليون نسمة.  ويتواجد ثلاث معسكرات للقوات المتنازعة داخل المناطق السكنية وهي: –

  1. معسكر الاحتياطي المركزي يقع في منطقة الشقيلاب  يتبع لقوات الاحتياطي المركزي
  2. معسكر القاعدة الجوية يقع في منطقة جبل أولياء بالقرب من خزان جبل أولياء ويتبع للقوات المسلحة
  3.  معسكر طيبة يقع في منطقة طيبة الحسناب ويتبع لقوات الدعم السريع

تشهد المناطق المأهولة  بالسكان القريبة من المعسكرات لضربات الجوية واستخدام الأسلحة المتفجرة بشكل عشوائي، وتتجاوز الهدنات المتفق عليها لتأمين ممرات إنسانية، مما ينتهك اتفاقيات جنيف. واجبر بعض السكان على مغادرة منازلهم، و احتلال بعض المنازل و لا يزال الكثيرون محاصرين في منازلهم بلا مياه أو كهرباء ومع موارد محدودة. 

الانتهاكات لحقوق المدنيين في جبل أولياء 

شهدت منطقة طيبة والأحياء المجاورة لها عدة هجمات جوية من قبل الطيران الحربي. في يوم السبت الموافق 15 أبريل، تعرض معسكر طيبة الحسناب، الذي يُعتبر المعسكر الرئيسي لقوات الدعم السريع في منطقة جنوب الخرطوم، لقصف جوي. وفي تاريخ 12 مايو، تم قصف مناطق جنوب شرق الكلاكلة وطيبة الحسناب حتى حدود الاحتياطي المركزي. كما اندلعت اشتباكات في مناطق القاعدة الجوية بجبل أولياء.

في يوم الأحد الموافق 14 مايو، استمر القصف الجوي على محطة الأقمار الصناعية في الشقيلاب. وفي يوم الخميس الموافق 18 مايو، قام الطيران الحربي بقصف المعسكر وجزء من حي طيبة الذي يتواجد فيه قوات الدعم السريع. تزامنًا مع القصف الجوي، كانت هناك معارك على الأرض بين قوات الدعم السريع وقوات الاحتياط المركزي، التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني.

تفاوتت حالات الإصابة بين سكان مناطق القصف في جنوب الخرطوم، وفقًا لشاهد عيان، تمت إصابة امرأة تعمل بائعة شاي في سوق مودة بمنطقة الشقيلاب، حيث تعرضت لشظية في يدها اليمنى أثناء أداء عملها. الإصابة تسببت في بتر إحدى أصابعها، وتم إسعافها إلى المستشفى التركي لتلقي العلاج.

في يوم الإثنين الموافق 22 مايو، حدث انفجار ناتج عن مخلفات قذيفة دانة في منطقة طيبة الحسناب. وأفاد الشاهد بأنه لم تكن هناك اشتباكات في المنطقة في وقت وقوع الحادثة، ويُعزى وجود الدانة إلى اشتباكات سابقة. أسفر الانفجار عن وقوع سبع إصابات بمستويات خطورة متفاوتة، بما في ذلك إصابة خطيرة تم نقلها إلى السلاح الطبي. و نقل اثنين آخرين إلى غرف العمليات في مستشفى التركي، بينما كانت حالة الأربعة الآخرين مستقرة. 

التهديدات الأمنية تتمثل في وجود معسكرات تابعة للجيش والدعم السريع بالقرب من المناطق السكنية، بالإضافة إلى وجود قوات الدعم السريع داخل الأحياء السكنية حيث تتركز بشكل كبير في الأحياء أداريه  جبل أولياء، وتحديداً في مناطق (الشقيلاب والعسال والتريعة والزهراء طيبة)  و على طول شارع جبل أولياء. وهناك أيضاً وجود معسكر الاحتياطي المركزي والقاعدة الجوية. بالإضافة إلى ذلك، تشهد الأحياء غيابًا تامًا لجهاز الشرطة، ووجود عصابات سرقة مسلحة بالأسلحة البيضاء والنارية داخل الأحياء. 

و وفقًا لشاهد عيان إن قوات الدعم السريع تقوم بارتكاب انتهاكات مختلفة ضد المواطنين في منطقة الشقيلاب. يروي الشاهد قائلاً: “كنت جالسًا بالقرب من سوق الجرف، قريبا من أحد المطاعم، حيث كان هناك مجموعة من الشباب يتناولون طعامهم وفي ذلك الوقت ظهر ثلاثة عناصر من قوات الدعم السريع يطلقون أعيرة نارية في الهواء بالقرب من الشباب ثم طردوهم من المطعم واستولوا على طعامهم

يواصل الشاهد العيان سرد انتهاكات قوات الدعم السريع، حيث يقول: “في يوم الجمعة الموافق 19 مايو 2023، حوالي ستة عسكريين يرتدون زي الدعم السريع ومسلحين ببنادق كلاشينكوف، دخلوا أكبر محل للمواد التموينية والاستهلاكية في منطقة الشقيلاب والمناطق المجاورة، و كان حوالي الساعة 11 مساءً، وجدوا هناك حوالي ـ18  شخصًا، بينهم ستة عاملين في المجمع التجاري  يجلسون بالقرب من المحل، أجبروهم على الوقوف، واخذ هواتفهم المحمولة وضربهم و جلدهم ، وتحت تهديد السلاح أجبر صاحب المحل  لفتح محله وسرقوا جميع الأموال المتواجدة وهواتف الشباب الـ18، وتم توجيه تهديدات بالقتل إذا قام أحد بالاحتجاج أو أصدر صوتً” . 

وتابع شاهد العيان إنه نتيجة لهذا الحادث، قام صاحب المحل التجاري بإخلاء وإغلاق المحل، ولوحظ أيضًا أن العديد من المحلات التجارية أغلقت بعد الحادثة. وأضاف، أنه من المتوقع أن يتم إغلاق سوق الجرف قريبًا، و تمارس نفس التجاوزات في سوق آخر في المنطقة يُسمى سوق مودة. يشير الشاهد العيان إلى أن سوق الجرف، الذي يعتبره سكان المنطقة مصدرًا لشراء احتياجاتهم اليومية، سيتم إغلاقه في الأيام القليلة المقبلة بسبب تزايد حوادث النهب والسلب من قبل قوات الدعم السريع في المنطقة.

وأضاف شاهد العيان ان عناصر الدعم السريع، تقوم بحلاقة رؤوس الشباب بالقوة بغرض إهانتهم، و تستخدم الأسلحة النارية ضد المدنيين ” في سوق الجرف نادى عساكر الدعم السريع طفل صغير  فهرب الطفل خوفا منهم، حينها أطلقوا النار عليه، لكن لحسن الحظ كانت الإصابة التي تعرض لها سطحية، لاحقا  في نفس اليوم جاء ضابط دعم سريع لأهل الطفل من أجل  دفع تعويضا ماديا” 

ومن الجدير بالذكر أن سكان المنطقة يعانون من تحديات كبيرة فيما يتعلق بالخدمات الأساسية. نظرا لقطوعات إمدادات الكهرباء والماء المستمرة، وهذه القطوعات قد تمتد في بعض الأحيان لفترات تصل إلى خمسة أيام متتالية. بالإضافة إلى ذلك، يعانون من نقص في المواد التموينية وعجز في توفير السلع الضرورية.

ومن الجدير بالذكر أن سكان المنطقة يواجهون تحديات كبيرة فيما يتعلق بالخدمات الأساسية. فهم يعانون من قطوعات مستمرة في إمدادات الكهرباء والماء، وقد تمتد هذه القطوعات لفترات طويلة في بعض الأحيان تصل إلى خمسة أيام متتالية. بالإضافة إلى ذلك، يعانون من نقص في المواد التموينية وصعوبة في توفير السلع الضرورية.

الانتهاكات لحقوق المدنيين في الكلاكلة

بالرغم من عدم وجود قوات عسكرية مرتكزة في المنطقة، شوهد مرور لعربات الدعم السريع في 29 من ابريل. إضافة لذلك تضرر عدد من المنازل في الكلاكلة صنقعت وحي ود عمارة نتيجة سقوط طلقات مضاد الطيران وطلق الدوشكا علي المنازل كلما كان هنالك قصف جوي  كما يتعرض المدنيين لطلقات عشوائية، يروي أحد الناجينكنت واقفا بالقرب من الشجرة بالمنزل حين مرت رصاصة على بعد نصف متر مني

يوم الأربعاء  الموافق 24 أبريل، تعرض سكان منطقة الكلاكلة في شارع القبة (15) لقصف جوي من قبل الطيران الحربي. هذا القصف أسفر عن مقتل المواطن ادم حامد دنقس وإصابة زوجته وسبعة آخرين، تم نقلهم جميعًا إلى المستشفى التركي. وتم أيضًا تدمير ستة منازل جراء هذا الهجوم.

المنازل المدمرة نتيجة القصف في الكلاكلة القبة

تشير إحصائيات غير رسمية إلى أن أكثر من 40 شخصًا على الأقل قد قتلوا والمئات أصيبوا نتيجة الاشتباكات في الوحدتين الإدارتين. وتم تدمير بعض المنازل بشكل كامل، بينما تضررت أخرى جزئيًا جراء هذه الأحداث. 

تأثرت العديد من المستشفيات وخرجت عن الخدمة نتيجة للقصف وصعوبة وصول العاملين في المجال الطبي إليها. وفقًا لتقرير الجنة التمهيدية لنقابة الأطباء في السودان، فإن حوالي 70 في المئة من مستشفيات العاصمة تعطلت وتوقفت عن تقديم الخدمات الطبية للمرضى. هذا الوضع يشكل تحديًا كبيرًا للنظام الصحي في البلاد ويؤثر سلبًا على قدرة الناس على الحصول على الرعاية الصحية الضرورية.

 وفي منطقة عمل غرفة طوارئ الكلاكلة و جنوب الخرطوم يوجد بها ثلاثة مستشفيات: –

1.  المستشفى التركي (يعمل)

2.  مستشفى جبل أولياء (يعمل )

3.  مستشفى الاحتياطي المركزي (للعسكريين و المدنيين) (مغلق)

ويتوفر في المنطقة عدد ستة مراكز صحية أولية تعمل بشكل كامل، ولكنها تقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية فقط، وتقوم بتحويل المرضى إلى المستشفى التركي  يصعب تحويلهم إلى المستشفى الاحتياطي المركزي بسبب الاشتباكات المحيطة به.

وقال شاهد عيان لحقوق، توفي أحد سكان منطقة الشقيلاب، يوم 21 مايو  يدعى عبد الرحيم المحسي (74 عامًا). كان يعاني من ارتفاع سكر الدم، وذلك بسبب عدم قدرتهم على نقل المريض إلى المستشفى التركي في الوقت المناسب  لأنتشار قوات الدعم السريع داخل الحي و اطلاقهم لمضادات الطيران  وأضاف أن المستشفى لا يوفر جميع الخدمات الطبية التي اللازمة للمواطنين، ويتزايد الضغط عليه، ويخشى من انهياره قريبًا حيث يغطي المستشفى مناطق الكلاكلات بأكملها ومعظم مناطق جنوب الخرطوم.

لم ينزح سكان منطقة الكلاكلة  بشكل كبير بسبب قلة الاشتباكات بين القوات العسكرية المتقاتلة   داخل المنطقو ، وأيضًا بسبب عدم قدرة سكان المنطقة الجغرافية على تحمل تكاليف النزوح أو اللجوء، حيث إن معظم سكان المنطقة من ذوي الدخل المنخفض. 

نحث المجتمع الدولي على تعزيز جهوده في الضغط على الأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة المفاوضات والبحث عن حلول سلمية لوقف إطلاق النار والتأكيد على أهمية الالتزام بالهدنات والاتفاقات المتعلقة بوقف إطلاق النار لتهدئة الأوضاع وتقليل المعاناة الإنسانية. وتسهيل توفير ممرات آمنة لنقل الإغاثات الإنسانية وضمان وصولها إلى المناطق المتضررة والمحتاجة